الأحد، 23 فبراير 2014

جحـا البريد المصري !!...



تعتبر شخصية جحا من الشخصيات التي أثرت أدبيات الطرائف والفكاهة في عالمنا العربي، بحكاياته ونوادره الضاحكة، واختلف الرواة والمؤرخون في تحديد شخصيته، فكل الشعوب وكل الأمم صممت لها جحا خاصة بها يتلاءم مع طبيعيتها ونموذجها الاجتماعي، وأشهرها عربياً "أبو الغصن  دُجين الفزاري"، الذي عاصر الدولة الأموية... 

ومن أشهر الحكايات التي رسخت في أذهاننا تلك الرواية المتوارثة، حين قرر ملك البلاد تخصيص مبلغ مالي ضخم لمن يجعـل حمـاراً أبكم يقـدر على الكـلام، وإلا فإنه سيطـيح برأس من يتقدم لتلـك المهمة ويفشل، ومن دون سائر العبـاد جميعاً تقدم جحا منفـرداً لخوض هذا التحدي طالبـاً فترة زمنية قـدرها عشر سنوات لاستنطاق الحمار، وعندما سأله أحـد أصحابه مندهشاً عن قبـول هذا المهمة المستحيل تحقيـقها، أجابه جحا بأنه خـلال السنوات العشر سوف يستمتع بضيافة ورغد عيش وكـرم الملك، وبعدها إما أن يمـوت الملـك أو يمـوت الحمـار أو يمـوت هو شخصياً...

هذه الرواية المتوارثة، يتعايش فكرها ويتبعها الآن الكثيرين من الحكام والمسئولين، خاصة في البلدان النامية، حين يخاطبون شعوبهم بآمال وردية، بأنه سوف يشعرون بالآثار الإيجابية لسياستهم الحكيمة بعد فترة من الزمن، عشر سنوات أو أكثر، ويستمر المسئول بالاستمتاع بمنصبه ومزاياها، بينما يموت الشعب في انتظار استنطاق الحمار!!.. 

وفي البريد المصري، كذلك كلما جاءت قيادة جديدة تقمصت دور جحا لإيهام وخداع  جمهور العاملين بالأماني والأحلام الوردية، فيعتقد هؤلاء العاملون البسطاء أنهم يلعبون دور الملك صاحب الحمار، وأن جحا البريد المصري قادر على استنطاق الحمار، وذلك من خلال تطوير أداء عمل الهيئة ورفع شأنها إدارياً ومالياً، بالوعود الدائمة بأنه سوف ينعم الجميع بخيراته ومكاسبه التي ستتحقق بعد عدة سنوات !!..

وهكذا ومن خـلال الخطـط الإستراتيجية، والمنظـور التنموي، والاجتماعات واللجان الفنية الساهرة ليل نهار التي تعمل على استنطاق الحمار، يستمر جحا بخداعـه ومن معه من مساعدين ومقربين في جني ثمـار خيـرات وأمـوال الملك، من مكاتب فاخرة مكيفة، وسيارات فارهة، ورحـلات وبدلات، ومزايا مالية وعينية لا مثيل لها، بينما جمهور العاملين في انتظـار هذا اليـوم الموعـود الذي ينطق فيه الحمار!!.. 
 
كلمة أخيرة، موت يا حمار !!..  
 
وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: