الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

هيئـتي البريـدية !!...


ما كنت أظن يوماً أنني سوف أكون أسيراً لتأثير كلمات يلقيها شاعر أو كاتب، وما كان بخاطري تصديق تلك الحالة الشعورية والنفسية التي وصل إليها شاعرنا الكبير فاروق جويدة، حين ألقي قصيدته الرائعة "هذه بلاد  لم تعد بلادي"... فعندي يقين دائم بجنوح وغلو الشعراء في عواطفهم وأفكارهم، إلا أن واقع بلادنا الآن يشعرك بتلك الحالة، فضاقت بنا الأرض بما رحبت، وضاقت علينا أنفسنا، ولا ملجـأ من الله إلا إليه.

هكذا حين يصل الإنسان بالكفر ببلاده، حين يري الفساد والاستبداد، حين تكمم الأفواه، وتقصف الأقلام، وتسحب الأجساد، وتسجن النساء، ولا تسمع إلا نغمات الساقطين والمنافقين، من اخترناك حتى تسلم الأيادي... فيقول شاعرنا الكبير  في بعض أبيات متفرقة من قصيدته...  
كم عشت أسأل...أين وجـه بلادي
أيـن النخـيل.. وأيـن دفء الوادي
لا شيء يبــدو في السماء أمـامنا
غيــر الظــلام.. وصــورة الجــلاد
لم يبـق غيـر صـراخ أمس راحـل
ومقـابــر سئـمــت مـن الأجــــداد
وعصابة سرقـت.. نزيـف عيوننا
بالقـهــر والتـدليـــس والأحـــقـاد
شيء تكــسر في عيــوني بعــدما
ضــاق الزمـان بثورتـي وعنـادي
أحبـبــتها .. حتى الثمــالة بينــما
باعــت صباهـا الغــض للأوغــادِ

في تلك اللحظات تمنيت لو كنت شاعراً أو كاتباً لأسطر بعض الكلمات التي يضيق بها صدري ويعجز عنها لساني، تخيلت نفسي شاعراً، ولست كذلك، فالشعراء يتبعهم الغاوون، وفي كل واد يهيمون، ويقولون مالا يفعلون، إلا الذين أمنوا منهم... ولكني أعشق التجربة والمحاولة بتلك الكلمات التي أرثي بها حال هيئتي البريدية، والتي أعمل بها منذ أكثر من ربع قرن من الزمن، والتي هي بمثابة بلادي الصغيرة، فأقول ...     
أكلـها الذئـاب .. كاللحـم عنـد الحــاتي
فضــاع الحـق فيها وتبـددت حكــايـتي
بوعــود وأمـاني رؤسائها حتى الآتـي
وحصـاد أرضـها نفــاق كبـوار الوادي    
فلسـت مع راقصـــي تسـلـم الأيــــادي
أو من يهزؤون بالفيسـبوك والإيبـادي
ولكني أحببــتها مثــل أمــي وبنـــاتـي
ضقـت من ظلـمـها وتبــددت أحــلامي
هذه الهيـئة لم تعـــد هيئــتي كبـــلادي

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: