الخميس، 28 نوفمبر 2013

لعبة الأرقـام في البريد المصري!!...


تعد معرفة الأرقـام من الشواهد على العبقرية الإبداعـية لدي الجنس البشري، فتلك الأرقـام كانت المدخـل الأساسي لمعرفـة الكتـابة قبــل قـرابة ستة آلاف سنة، تغير أشكـالها وأنماطـها عبر إسهـامـات السومـريين، والبابلـيين، والمصريين القدمـاء، والصينـيين، واليونانـيين، والعرب المسلمين، حتى صـارت أساساً للعـديد من العـلوم الطبـيعية والتطبـيقية.   

إلا أن الفضل الكبير في تطوير منظومة تلك الأرقـام يرجع إلى محمد بن موسي الخوارزمي، مؤسس علم الحساب والجبر، بإضافاته الجوهـرية التي قـادت الغرب فيما بعد إلى استخدام الأرقـام العربية التسعة مع رمز الصفر، فجعلت من بدايات معرفـة علم الحساب والجبر وسيلة دفع  للأمام لأبعد من بداياتها الأولية، لحل كثير من المشاكل العلمية المعقدة.

هذه الأرقام وعمليات الحساب البسيطة التي نتعايش معها يومياً، تكاد تكون الحقيقة المنطقية الوحيدة في حياتنا، فهي ذات بناء صلب من المنطق والعقل، فلا يمكن أن تخدع أو تزيف أو تواري ما خلفها من دلالات واستنتاجات غير حقيقية... فالأرقام والأعداد لغة الحقيقة، ولا حقيقة سواها.

كل هذه النظـريات الحسابية العبقـرية التي اكتشفت منذ الخـوارزمي حتى جـون نابيير، ما كانت لتضاهي إبداعـات بعض العاملين بالبريد المصري بالتدليس والإيهـام باللامعقول بالإصـرار على نشر بعض الأرقـام الاقتصـادية عن الهيئة، كالأرقـام الوردية التي كانت تطلقـها دائماً حكـومات الرئيس المخلـوع، عن ارتفاع معـدلات النمو الاقتصادي المزعـوم، والذي لطالـما كان يصب في جيـوب حفنة من رجال أعماله وأصحاب المصالح المقربيـن منه.
 
فنجد التأكيد الدائم على ارتفاع معدل إيداعات صندوق توفير البريد عاماً بعد عاماً لتصل لنحو 7ر123 مليار جنيه، وارتفاع حساباتها لتصل إلى 5ر22 مليون حساب، للدلالة على الثقة في جذب العملاء، بينما يتم إغفال حقيقية عدم القدرة على استثمار تلك الأموال لتغطية الأعباء التمويلية تجاه المودعين، مما يزيد من الخسائر الهيئة سنوياً، وكذلك التأكيد على زيادة أعداد المكاتب البريدية سنوياً لتصل لنحو 4 آلاف مكتب، للدلالة على التوسع في النشاط البريدي وتقديم الخدمات المجتمعية، بينما لا تتم دراسة الجدوى الاقتصادية من تلك التوسعات، مما يزيد من الأنفاق والتكاليف دون مبرر، وأخيراً ما تم الإعلان عنه من زيادة حوافز العاملين لتصل إلى 90 مليون جنية سنوياً، دون معالجة خلل توزيع تلك الحوافز، حيث يستولي على معظمها فئة قليلة من العاملين، بالمكافآت والبدلات وخلافه، لتظل الشريحة الكبرى من العاملين بالمكاتب البريدية والتوزيع في انتظار الفتات...   

سحرة البريد المصري، لو علم الخوارزمي بقدومهم واستغلال إسهاماته الجليلة في علم الحساب والجبر، للتضليل والتدليس بالأرقام والأعداد، كسحرة فرعون الذي ألقوا حبالهم وعصيهم فخيل للناظرين من سحرهم أنها تسعي، لتوقف نادماً عن تلك الإسهامات والإبداعات التي غيرت مجري التاريخ!!.. 

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: