السبت، 7 ديسمبر 2013

حساباتـنا البريـدية !!...



حساباتـنا البريـدية مفعمة بالتراجيـديا، أو بالكوميـديا السوداء، التي تصـور المأساة من خـلال أحداث متلاحـقة، تجعل المشاهد يبكـي من كثرة الضحـك، ويضحـك من شدة المعـاناة والألم، تراجيـديا أبدعها الممثل الراحـل "نجيب الريحاني" بأحـد أفـلامه القديمة "أبو حلموس".  

فكان من أحد مشاهده، هذا التأثير البالغ على مفهوم الحسابات والمحاسبة، والتي تكاد تكون الآن نبراساً يهتدي بها في أساليب الغش والخداع والتضليل المحاسبي، وذلك حين أندهش نجيب الريحاني "شحاتة أفندي" أمام رئيسه الجديد ناظر الوقف "عباس فارس" من عظم المبلغ المقيد بالدفاتر كقيمة إجمالية لما تم صرفه لدهان غرفة، وأتهمه دون معرفة بالغباء واللصوصية، وأفاده بأنه يستطيع مضاعفة هذا المبلغ أضاعفاً مضاعفة لو تم القيد بطريقته الشيطانية، وذلك بتجزئة المبلغ: كشط الدهان القديم كذا...، سنفرة الحوائط كذا...، تنظيف الثقوب كذا...، تقطيب ومعالجة الثقوب كذا...، دهان أول وش كذا...، سنفرة دهان أول وش كذا...، دهان ثاني وش كذا...، وهكذا يتم ضبط الدفاتر، ونيل المراد بمضاعفة المبلغ المراد صرفه.  

وحساباتنا بالبريد المصري التي تجمع صنوف عدة من الأساليب المحاسبية، كالمحاسبة الحكومية والنظام المحاسبي الموحد والحسابات البريدية، والمحاسبة البريدية الدولية، بالإضافة لمعايير المحاسبة المصرية كإطار مكمل للنظام المحاسبي الموحد، ما هي إلا نتاج تطبيقي معقد لهذه الطريقة الشيطانية التي أبدعها الممثل الراحل نجيب الريحاني، مع الفارق في اختلاف الزمان والمكان.

الأمثلة عديدة، استطيع سردها في مجلد، بيد أن الخشية من المزيد من تلك التراجيديا المفعمة بالمأساة، قد تحول تجاربنا في البريد المصري لمادة خصبة لإنتاج المزيد من تلك الأعمال السينمائية الساخرة، والتي قد تفوق بمراحل إبداعات الممثل الراحل نجيب الريحاني وغيره، ومنها على سبيل المثال:
-  ما تم سداده بإقساط سنوياً بنحو 7ر17 مليون جنية للبنك الدولي التجاري الدولي، لحساب مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتحديث البريد المصري، ضمن الاتفاقية الموقعة بقيمة 4ر6 مليون دولار تتحمل منه الهيئة 1ر6 مليون دولار تسدد على دفعات سنوية لمدة أربعة سنوات تبدأ من يوليو 2005 حتى يونيو 2009، ومازال الهيئة تقوم بإثبات تلك المبالغ بحساباتها الختامية حتى 30/6/2013 بما قيمته 4ر13 مليون جنيه، دون تفسير لاستمرار صرف تلك المبالغ سنوياً.
-  أو ما تم سداده لهيئة الأبنية التعليمية في يونيو 2012 بما قيمته 2ر18 مليون جنيه بشأن تطوير مبني الإدارة العامة، والكل شاهد على المبني الذي تم دهان حوائطه الخارجية، دون سنفرة أو تقطيب للثقوب أو حتى دهانه وش ثاني!!..

بالتأكيد البريد المصري في حاجة شديدة إلى بعض المحاسبين المبدعين، الأكفاء في الإخراج التراجيدي، حيث مازال الفنان الراحل نجيب الريحاني حاملاً لتلك الراية الإبداعية في الفنون المحاسبية !!..  

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: