السبت، 22 مارس 2014

الاستغفال في البريد المصري!!..



لمن يهوي الأدب والفكاهة، أن يطالع كتاب "أخبار الحمقى والمغفلين" لأبي الفرج الجـوزى، حيث ذكـر أصنافاً عديـدة من نوادر ومواقـف بعض هؤلاء الحمقى والمغفلين، والذي أجـزم أنه لو كـان حيـاً الآن بين أظهـرنا لأضـاف إليـهم البريـديين!!..

فالمغفل هو من لا فطـنة له ولا ذكـاء، فيسهل خـداعه، حيث يسهل اقتيـاده وتغييب عقـله، والقانـون قد يحمي هؤلاء المغفلين خـلافاً للمقـولة الشهيرة، فيحمي ناقص الأهلية كالسفيه والصبي الغير مميز، ويحمي كذلك المتعاقد من الغبن والتدليس والغش وما يشوب الإرادة كالإكـراه والخطأ المادي وغيره، ولكن القانون لا يحمي المفرطين في حقوقهم!!..

والمغفلين في البريد المصري كثر، مع الاعتـذار لهم، ولكون اللفـظ كذلك ليس عيـباً أو سبه، لأنهم ورثوا هذه الغفلة من السابقين على مدار عقـود من الزمن، وبفعل أولئك الأذكياء الماكرون، الذين استطاعوا تغييب عقـول جمـوع العاملين في البريد المصري بالإيهام الدائم بأنها هيئة خدمية تقوم بخدمات مجتمعية جليلة ورسالة سامية لتوصيل وقضاء حاجـات الناس، ومن ثم فلا مجـال للحديث عن جـني الأربـاح، فثـواب الله أفضـل وأعظـم أجـراً!!..

ولولا تزايد طمع وجشع هؤلاء الأذكياء الماكرون، وتناحرهم كالضباع على الفريسة الجريحة، لما انتبهي الغافلون، ولا استفاق المغيبون، ولا سأل السائلون عن مصير تلك المليـارات التي تضخ في تلـك الشركات الخاسرة، واستمرار تمويلها رغم ضياع رأسمال بعضها، أو ضخها في محافـظ مالية لا تغطي عوائدها نصف ما يدفع سداداً لمودعي صندوق التوفير، أو تلك التعاقدات المشبوه مع شركات وهيئات تزيد من نزيف خسائر الهيئة سنوياً دون مبرر، ويقـع غبنها في النهاية على كاهل هؤلاء المغفلون!!..

الاستغفال في البريد المصري الآن أصبح علناً ومفضوحاً، وبلغ مـداه وذروه سنامه، حيث  هؤلاء الأذكياء الماكرون يحاولون إعـادة رسم عقـول هؤلاء المغفلين، بضرورة ربـط الحوافز بإنتاجية العمل، وبتحقيق فوائض مالية سنوية، بينما مزاياهم المالية ومكافآتهم المتزايدة لم ولن ترتبط بتحقيق تلك الفوائض، فهي محصنة!!..

في زمرة هذا الاستغفال والتركيز على ما سوف يحققه العاملون من بعض المزايا والاستحقاقات الهزيلة كالعادة، لا يتم الحديث عن أسباب ومسئولية الخسائر المتتالية للهيئة خلال السنوات السابقة، الغافلون أم هؤلاء الأذكياء الماكرون؟!..

لا شك أن الإجـابة واضحة، والقانون قد يحمي المغفلين، ولكن لا يحمي المفرطين في حقوقهم !!..

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: