الجمعة، 28 مارس 2014

شتاء البريد المصري !!..



مع سقوط أوراق خريف ثورات الربيع العربي، وانكسار أحلام وطموحات الشباب في إصلاح أوطانهم، بالعودة من جديد لأحضان الفساد والاستبداد، يعاد على مسامعنا من جديد نفس ذات الكلمات التي أطلقها البعض على ثورة 25 يناير، بأن ما حدث لم يكن ربيعاً أو حتى خريفاً، وإنما هو شتاء عربي مدبر حملته أيد خبيثة وأجندات خارجية لتفتيت منطقتنا العربية لدويلات صغيرة لا حول لها ولا قوة...

هذا ما قاله البابا تواضروس لصحيفة الوطن الكويتية منذ أيام، ومن قبله البابا شنودة أبان ثورة 25 يناير، وأيضاً قاله الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر في بيان له بتاريخ 3 فبراير 2011، وسار على نهجهم الكثير من أصحاب المصالح وأكابر القوم والمستفيدين من بقاء نظام مبارك، دون النظر لملايين البسطاء والفقراء الذين حرق قلبهم الفقر والجهل، وغيبوا في متاهات العشوائيات والقبور...

هؤلاء القـوم مازالوا لم يدركـوا بعد حقيـقة ثـورة 25 يناير، وأنه لولا الظلم والقهر والفقر وانعـدام العـدالة الاجتمـاعية، وانسـداد الأفـق السياسي، وعظـم الفساد الذي بلـغ العنـق لا الركـب، ما كانت!!.. وما يثـير العجـب، هو إصـرار تلـك السلطـات الدينية الرفيـعة -التي تعرف ربها- وغيرها على ذات النهج دون رؤية أو المطالبة بإصلاح حقيقي لأوطانهم ورعاياهم البؤساء سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين!!..

هذه النغمة الشاذة "أيـد خبيـثة وأجنـدات خاصة" تتكـرر يوميـاً لمواجـهة المعارضين، كلـما طالبـت فئة عمالية أو نقابية بحقـوقها المشروعة، ومحـاولة إيصال صوتها لإصـلاح مؤسساتها من الفساد، وأخـرها كان البريد المصري!!..  
 
هكذا أطلق السيد رئيس مجلس إدارة البريد المصري تلك النغمة الشاذة على بعض المعتصمين من العاملين بالبريد المصري، المطالبين بتحسين أحوالهم وظروفهم المعيشية، والتي يتكشف لهم يوما بعد يوم عظم الفساد في مؤسساتهم، فبينما تنهب أموال البريد المصري وأموال مودعي صندوق التوفير علناً ودون خجل أو ضمير، ويتمتع قياداته ومستشاريه بكافة المزايا المالية والعينية، لا يتم منح حد الكفاف لهؤلاء البسطاء من العاملين فيه...

عدنا من جديد لشتاء البريد المصري، حيث ذبول أوراق الشجر وتساقطه، والظلال والغيوم، الذي يتلاءم  مع طبيعة الفاسدين الذين يعملون في جنح الظلام، بحلولهم الأمنية بالقهر والتهديد والاعتقال، والاتهامات الباطلة الساذجة، حيث لا رؤية حقيقة للإصلاح، بل مزيداً من الفساد بإستراتيجية جديدة وأفكار شيطانية خبيثة!!..

الشتاء سوف يمر، وسيأتي بالتأكيد ربيعاً آخر، تتفتح فيه الزهور والياسمين، برائحتها العطرة، ولكن لن يتنفسها هذه المرة إلا الصادقون المخلصون!!..

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: